بينها جرائم أسرية.. تصاعد وفيات النساء يكشف أزمة متزايدة في إيران
بينها جرائم أسرية.. تصاعد وفيات النساء يكشف أزمة متزايدة في إيران
يُعدّ العنف ضد النساء من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، حيث لا تقتصر تداعياته على النساء أنفسهن أو أسرهن، بل تمتد لتطول البنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية برمّتها.
وتظهر جرائم القتل المرتبطة بالنوع الاجتماعي، إلى جانب تزايد حالات الانتحار بين النساء، بوصفها أحد أبرز المظاهر المؤلمة التي تضع حقوق المرأة وحياتها في قلب أزمة اجتماعية خطيرة.
وأظهر التقرير الشهري لوكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء، المعنية بالعنف ضد النساء أن 17 امرأة و8 أطفال قُتلوا خلال الشهر الماضي، في حين أقدمت 16 امرأة أخرى على الانتحار في ظروف غامضة.
كما تم إعدام 7 نساء بتهم تتعلق بالقتل أو المخدرات، وهو ما يعكس خطورة الوضع وتداخل العوامل القانونية والاجتماعية في حرمان النساء من الحق في الحياة.
وتتكرر المآسي على نحو شبه يومي، إذ قُتلت امرأة تبلغ من العمر 57 عاماً في قرية طبقدة بدافع السرقة، في حين انتحرت طبيبة شابة وكاتبة من دزفول تدعى إلهام جلدي في اليوم نفسه، وفي اليوم التالي، أقدمت طبيبة أخرى في أصفهان على إنهاء حياتها لأسباب غير معروفة.
جرائم أسرية وصور نمطية
تُظهر الوقائع الميدانية أن جزءاً كبيراً من الجرائم يرتبط بالبنية الأسرية والثقافية المحافظة، فقد قتلت نساء على أيدي أزواجهن أو أقاربهن بذريعة "الخلافات العائلية" أو "الشرف"، مثلما حدث مع ثريا علي محمدي، في سقز، التي أُضرمت النار في جسدها وهي مكبلة اليدين والقدمين على يد زوجها، أو الفتاة المراهقة فاطمة_ر البالغة 16 عاماً والتي قُتلت على يد عمّها في مدينة شادكان.
كما رُصدت حالات انتحار بسبب الزواج القسري، أبرزها حادثة الفتاة هستي شاهويسي التي أنهت حياتها بعد إجبارها على الزواج، وهو ما يعكس الضغط الاجتماعي الكبير الذي تتعرض له النساء في بعض المناطق.
إلى جانب القتل والانتحار، برزت الإعدامات بصفتها أحد أوجه العنف القانوني الذي يضاعف معاناة النساء. فقد شهدت الأسابيع الماضية إعدام نساء في سجون تبريز، شيراز، زنجان، قزوين وسبزوار، بتهم تتعلق غالباً بالقتل أو المخدرات.
وتكشف هذه الوقائع غياب بدائل إصلاحية وإنسانية في المنظومة القضائية، خصوصاً في قضايا النساء اللواتي قد يكنّ ضحايا عنف أسري أو استغلال اجتماعي دفعهن لارتكاب الجرائم.
إخفاء الحقائق يعمّق المأساة
تشير تقارير حقوقية إلى أن الأرقام المتداولة لا تعكس الحجم الحقيقي للمأساة، إذ تُحاط جرائم قتل النساء والانتحار بقيود سياسية وثقافية واجتماعية تمنع الإعلان عنها أو متابعتها إعلامياً.
وغالباً ما تبقى العديد من القضايا في طي الكتمان، ما يجعل الإحصاءات المتوفرة مجرد جزء محدود من واقع أكثر قتامة.
وتكشف هذه الأرقام والوقائع أن النساء في بعض المجتمعات يواجهن خطراً وجودياً يتجاوز مجرد العنف الأسري إلى أزمة بنيوية تشمل التمييز، ضعف الحماية القانونية، انتشار الصور النمطية، وغياب أنظمة دعم نفسي واجتماعي فعالة.
ويرى خبراء أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب إصلاحاً قانونياً شاملاً يجرّم بوضوح العنف القائم على النوع الاجتماعي، إلى جانب برامج توعية وتثقيف تستهدف تغيير القيم المجتمعية التي تبرر العنف ضد النساء، كما أن تمكين النساء اقتصادياً وضمان وصولهن إلى خدمات الصحة والدعم النفسي يُعدّ ركيزة أساسية لوقف هذا النزيف الإنساني.











